عيد الأم: التهاني عن بُعد.. والهدايا رسائل حب
أميرة بن طرف

شأنه شأن كل نواحي حياتنا، تأثر احتفالنا بـ«عيد الأم» جراء تداعيات فيروس كورونا المستمر معنا للعام الثاني على التوالي مع ما فرضه من إجراءات إحترازية وتدابير وقائية.

الأم التي تصدرت الصفوف الأمامية ومواقع المواجهة في مختلف الميادين خلال الجائحة سواء كانت ربة منزل أصيب أحد من أبنائها بالفيروس أو عاملة تذهب لدوامها مؤدية واجب الوطن.. طبيبة، ممرضة، مهندسة أو حتى متطوعة وقبل كل ذلك هي من ربت المنتمين لجميع هذه الفئات التي أثبتت جدارتها خلال الأزمة.

هل اختلف احتفالنا بالأم في عيدها؟ سؤال يطرحه الواقع الذي نعيشه الآن والإجابة عليه: نعم اختلف الأمر رغم إصرار بعض الأسر على بقاء التجمعات النهارية لكنها لم تعد كالسابق، إذ حرص كثيرون على التهاني عبر الهواتف النقالة، حرصاً على صحة الأم نفسها، وفي حين استمر ارسال طاقات الزهور والحلويات والكيكة، إلا أن الأمر بات مقصوراً على «لمّة» أسرية صغيرة.

غيرت التدابير إذن ملامح الاحتفال بلا شك، فصعبت اللقاء، وألغت قبلة الاحترام، بل وحتى جمعة الأهل التي كانت الأم محورها دائماً، لكنها لم تؤثر حتماً على مقدار الحب الذي تستحقه أمهاتنا.

وبهذه المناسبة، قالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة الكويت د.ملك الرشيد إن الأم هي «الكيان» الذي فشلت أبجديات لغات الكون في وصفه كما يليق به، متسائلة: كيف يمكن أن نختزل تلك الحياة في ما يطلق عليه مجازاً بيوم الأم؟ إذ لا يمكن ليوم أن يختزل عمراً أو حياة، مؤكدة أن كل لحظة مع الأم هي عيد، ورغم ذلك من الجميل تخصيص يوم ليتشارك الجميع في الاحتفال بها، وكأنما تحولت الدنيا إلى عرس جمال جماعي تُتوج فيه أمهاتنا بأرقى تيجان التقدير.

وأضافت الرشيد لـ القبس أن عيد الأم هذا العام يأتي وسط عالم «مجنون» يفترض بك الابتعاد لتقترب، والوحدة لتجتمع، واللاحضن لتحتوي، مشيرة إلى أن أرفع درجات التحدي أن يأتي التعبير هذا العام بمدى قدرتك على كبح جماح رغبتك العارمة لتطويقها بذراعيك، وتقبيل يديها التي تحكي تجاعيدها قصص نشأتك، وبالمثل الرغبة في تقبيل وجنتيها عرفاناً بعظيم جميلها علينا.

ولفتت إلى أهمية أن نمنح الأم في عيدها هذا العام الأمان من أي أذى كما منحتنا إياه طوال حياتها وأن نكون معها بروحنا رغم تباعد الجسد وكلنا ثقة بأنها الأقدر على استيعاب مشاعرنا وتفسير لغة اللاكلام واللاتلامس، وأنها تسمع ضربات قلوبنا القلقة على سلامتها.

وأوضحت أن الاكتفاء بهذا القدر من الحب أفضل كثيرا لأننا حتما لن نحتمل أبداً آلام الندم جراء التسبب في خسارتها نتيجة إصابتها بالفيروس أو إيقاع الأذى بها على أي مستوى نتيجة الاستخفاف بالأمر أو الجهل أو الأنانية التي لا تنم عن تحمل المسؤولية.

وختمت بالقول «احتفلوا مع أمهاتكم هذا العام بالتضحية وتخلوا عن «أنانيتكم المشروعة» لاحتضانهن، استشعاراً للمسؤولية.. حتى يكتب الله لهن أن يكن معكم في يومهن هذا من العام القادم.

Volume 0%

ورغم أن جمعات الأسر قد تكون محدودة، فان الاقبال على تسوق الهدايا كشف أن الأبناء لم ينسوا «الغالية» في عيدها، وهو أمر أكده انتعاش سوق الزهور، والحلويات، وغيرها، بينما كشفت المتابعة اقبالا على سوق الذهب جعل محال الصاغة مزدحمة بالزبائن الذين اصطف بعضهم في أدوار ممتدة لشراء هدايا عيد الأم.

ومن جهته، أوضح استشاري السلوك الاستهلاكي صلاح الجيماز، أن الهدية الغالية ارتبطت بالأم تعبيرا عن مكانتها في قلوبنا، مشيرا إلى أن سعر الذهب مناسب حاليا بسبب الانخفاض العالمي الذي حدث مؤخرا وهو ما جعل الاقبال كبيرا على الشراء، لافتا إلى أن الذهب يتميز في الوقت نفسه بكونه وسيلة لحفظ المال وكما يقول المثل الشعبي إنه «زينة وخزينة واللي ما تلبسه حزينة». وأضاف الجيماز أن التجار بدأوا بتصاميم متنوعة وفريدة وتنم عن ذكاء استهلاكي، مشيرا إلى أن الذهب يتميز بكونه يوفر خيارات عديدة، إذ تتفاوت الأسعار بحسب مقدار ما نريد شراءه لتبدأ من نحو 20 دينارا وحتى آلاف الدنانير.

واعتبر الجيماز الذهب هدية مناسبة للمرأة، خاصة الذهب المشغول، مشيرا إلى أن النساء بدأن بلبس السبائك بطرق مبتكرة، خاصة سبيكة «العروسة» التي ارتفع سعرها بسبب ارتداء النساء لها بطرق مختلفة كالقلائد والأساور.

وأوضح أن الذهب يصفه البعض بأنه معدن «لا يموت» في دلالة على كونه هدية دائمة طيلة العمر ويمكن أن يرتفع سعرها مع الوقت، علما بأن الاقبال على شرائه ينتعش خلال الأوقات التي يسود فيها الشعور بالخوف أو الحب، وهما متوافران حاليا بسبب ظروف جائحة كورونا وما تفرضه من مخاوف وأيضا عيد الأم وهو ما يفسر زيادة الاقبال على شراء الذهب الذي يسهم ارتفاع سعره من وقت لآخر في جعله هدية أشبه بالأصول الاستثمارية التي تنمو مع الوقت.

الأم المثالية

كل أم مثالية، لأنها تصنع الأجيال، ولكن دائماً هناك قصص كفاح ملهمة تستحق التكريم سنوياً، وهو ما نشهده من خلال تكريم الأمهات المثاليات، وذلك من خلال مركز الخرافي لأنشطة الأطفال المعاقين، إذ تحرص مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة مؤسسة سند للطفل المعاق ورئيسة الجمعية الكويتية لرعاية المعوقين سبيكة الجاسر على رعايتها السنوية لحفل تكريم الفائزات بجائزة الأم المثالية للإعاقات الذهنية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي، كما يتم سنوياً تكريم الأم المثالية من خلال جمعية الشيخة فريحة الأحمد للأم المثالية والأسرة المتميزة.

الكادر الطبي.. الاحتفال بحرص وتباعد

د. ولاء حافظ

كشفت تغريدات لمجموعة من العاملين في الكوادر الطبية عن عدم تمكنهم من الاحتفال مع أمهاتهم، بينما أوضحت بعض الطبيبات والممرضات أنهن لم يتمكن من الاحتفال مع أبنائهن بهذه المناسبة للسنة الثانية على التوالي، معتبرات أن مراعاة الإجراءات التي فرضتها ظروف الجائحة والعمل لأجل البلاد والصحة والسلامة في مواجهة الوباء أغلى هدية للأم.

وأوضحت الصيدلانية الاختصاصية بمستشفي الأميري شريفة الرشيد أنها أمضت عاماً من الرعب والحرص المستمر إلى اليوم، قائلة: «صارلي سنة ما لميت أمي»، ورغم ذلك، فسنحتفل بعيد الأم ملتزمين التباعد الاجتماعي والكمام، ورغم الشوق، فإن حرصي على صحة الغالية يمنعني من الاقتراب منها وتقبيلها. وأضافت أنها رغم كونها أماً لأطفال، فإن خوفها على والدتها أكبر، مشيرة إلى أهمية ألا يتهاون أحد بالإجراءات، خصوصاً مع الكبار، وأن يكون العاملون في القطاع الطبي أحرص الناس على ذلك، فالصحة كنز لا يعوض.

ورأت استشارية الجراحة العامة في مستشفى مبارك الكبير د. فاطمة خاجة أن الحب الحقيقي الذي يجب أن يظهر للأمهات في ظل الجائحة التي نمر بها هو الحرص على صحتهن والشعور بالمسؤولية الكاملة تجاههن بالتباعد الاجتماعي والإسراع في التسجيل لإعطائهن اللقاح في أقرب وقت، وعلينا تذكر أن التهاون والاستهتار لا يعكسان الحب أبداً، إنما قد يكونان سبباً للحزن وفقد الأعزاء، مضيفة أنها تشعر بالرضا والانجاز لإقدام والديها على التطعيم في الفترة الماضية.