مسؤول حكومي يعترف موجة غلاء أسعار تضرب الكويت غير قابلة للإنكار
ضرر جسيم يضرب السوق والمصانع المحلية والمشروعات الإنشائية
أحمد عبدالستار -
انقلبت رحلة تسوق عادية لمسؤول حكومي، كان هدفها الأساس هو الهروب من ضغوطات العمل اليومية إلى صدمة مع الواقع.
«ما يدور على ألسن الناس عن موجة غلاء أسعار تضرب الكويت حقيقة واقعة غير قابلة للإنكار».. هذه هي خلاصة ما خرج به المسؤول من رحلته التي كان يفترض فيها أنها ترفيهية مع عائلته، حيث أن الغلاء قد طال المواد الغذائية والاستهلاكية والإنشائية بشكل غير مسبوق وبأضرار جسيمة لحقت بالمصانع والمشاريع.
«الآن لدينا قضية، الفاعل فيها هو الغلاء، والمتضرر السوق، والمواطن يدفع الثمن».. على هذا الأساس دارت رحى أفكار المسؤول الحكومي، الأمر الذي دفعه إلى الغوص في تفاصيل المراسلات الرسمية المتعلقة بقضية الغلاء.
«ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية تعاني منها كل دول العالم خلال فترة جائحة كورونا»، هكذا تقول وزارة التجارة.
لكن ما الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لمواجهة الغلاء؟
سؤال أجابت عنه الوزارة كالتالي: قطاع الرقابة وحماية المستهلك يتصدى للارتفاع المصطنع.
وهل يكفي دور القطاع لاحتواء الأزمة؟
تعود الوزارة للإجابة مجدداً: القطاع ينسق دائماً مع الجهات المختصة لضمان توافر السلع ومعالجة أي مسببات لارتفاع الأسعار.
وبعد تبادل الأسئلة والإجابات، انتقل الحديث في طيات المراسلات التي أنهكت المسؤول الحكومي إلى مسببات القضية، فجاءت الأسباب كلها خارجية لا محلية، ولخصت في الآتي:
1 ــ ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية.
2 ــ ضعف الإنتاج العالمي والمحلي وضعف التوريد.
3 ــ ارتفاع تكلفة الشحن البري والبحري.
4 ــ التشغيل الجزئي وقلة الأيدي العاملة.
5 ــ انتشار الأمراض في الدول المصدرة.
6 ــ ارتفاع عالمي لأسعار الأعلاف.
7 ــ ارتفاع أسعار التخزين لندرة المخازن.
8 ــ شح الحاويات.
ما أفصحت عنه كتب الحكومة في هذا الخصوص، أقرّته وزارة التجارة والصناعة في رد على سؤال برلماني، حصلت القبس على نسخة منه، أكدت فيه ارتفاع الأسعار الغذائية والاستهلاكية والإنشائية وحدوث ضرر جسيم في السوق المحلي جراء ذلك.
ووعدت الوزارة بتقرير وشيك ترفعه لجنة استشارية، شكلت في أعقاب القرار الوزاري الصادر نهاية أغسطس الماضي، على أن يحمل التقرير توصيات لمواجهة هذا الارتفاع، توضع على طاولة مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات اللازمة في شأنها.
الأسباب عالمية.. وتضخمنا الأعلى خليجياً
وبينما تستعد اللجنة الاستشارية الحكومية لرفع توصياتها إلى مجلس الوزراء، تضغط تقارير دولية بشكل كبير على الحكومة، إذ كشف تقرير أصدره بنك MUFG، ثاني أكبر البنوك اليابانية عن أن معدل التضخم في الكويت ارتفع بشكل كبير ومتواصل على مدار أكثر من عامين ليصل إلى أكبر معدل تضخم بين الدول الخليجية، بعد أن كان أقلها في نهاية عام 2018.
وأشار تقرير البنك الياباني، في مقارنة بين تطور معدلات التضخم في دول الخليج، إلى وصول معدل تضخم الأسعار في الكويت لمعدل يفوق %3 بشكل طفيف على أساس سنوي، ليتصدر بذلك معدلات التضخم في دول الخليج.
ولا شك أن استمرار التضخم عالمياً هو عنوان المرحلة في ظل تداعيات فيروس كورونا، وما أنتجته من أزمة سلاسل التوريد، حيث وصلت المواد الأولية للمصانع إلى 90 يوم انتظار، وانخفضت لاحقاً إلى 56 يوماً.
لكن هل انتهت مشكلة سلاسل التوريد؟
كل المؤشرات تقول إن نهاية أزمة سلاسل التوريد لن تكون قريبة، خصوصاً بفعل المتحور «أوميكرون»، الذي يمارس ضغطاً جديداً على سلاسل التوريد بعد تحسّن طفيف في الفترة الماضية.
وحذّر خبراء الصناعة من أن أزمة سلاسل التوريد الناجمة عن جائحة فيروس كوفيد 19 قد تستمر حتى عامين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
في ظل هذا الواقع المعقد لقضية الأسعار، ترى شركات محلية ومستوردو سلع غذائية واستهلاكية ضرورة رفع الأسعار على المستهلكين، وسبق أن تم تقديم طلبات في هذا الشأن إلى وزارة التجارة والصناعة.
الشركات بررت مطلبها بالآتي:
◄ ارتفاع كلفة المواد الأولية في الأسواق العالمية.
◄ طفرة أجور الشحن البحري والجوي.
◄ ارتفاع تكاليف العمالة والنقل البري من خارج البلاد.
«الأزمة معقدة ومتعددة الرؤوس والأطراف»، تلك هي خلاصة ما توصل إليه مراقبون ومسؤولون حكوميون، لكن الحكومة تفكر بحلول وتعِد بها، ويفترض أن تطرح قريباً في اجتماع لمجلس الوزراء.
أما الأسئلة التي بقيت بلا إجابات، فتدور على الألسن مثلما يدور واقع الغلاء على كل بيت، فإلى متى ستقف الحكومة عند تشخيص الأزمة وتعجز عن تقديم الحلول أو تنفيذها؟ وهل من أمل في أن يتحول مخزن المعلومات والتقارير الذي بحوزة الجهات المعنية إلى استراتيجيات للمعالجة؟ أم إن المسؤول الحكومي - الذي صدمه الواقع في بداية قصتنا - سيكون وغيره من المواطنين على موعد جديد مع صدمات أخرى؟.