القناع الأميركي…والحراك الداخلي
طلال سعود المخيزيم
[email protected]
مازالت قضية فلسطين تكشف المنافقين، وتعري المتكلمين في ظل الحرب الابادية المستمرة على أبناء غزة ورفح، منذ قرابة الثمانية شهور تحت وطأة القصف المستمر بلا هوادة، للنساء والأطفال والمدنيين غير آبهين بتلك الأرواح البريئة، فمع استمرار ذلك الاجرام والبطش، أخذت دول العالم بتقليب الحق واعلاء شأنه، وهو بالحقيقة الحق الفلسطيني المستحق، الذي سُلب عبر اتفاقيات ومؤامرات سياسية عبر الدول ذات المصالح المشتركة، مما جعل تلك الجماعات الارهابية بالأستيطيان وسلب الحق الفلسطيني والذي أجمع عليه العالم بأسره بعد حرب طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي.
أمريكا بلد الحريات والسلام كما تدعي ويحلو لها، اليوم تعاني وتسلك التناقض الكبير عبر سياساتها الخارجية، وهي بالداخل تغلي كغليان الماء في مظاهرات وهتافات ضد السياسة الأمريكية في ما تعاني منه فلسطين اليوم ومنذ القدْم، من الدعم المستمر من الدولة للآليات الصهيونية في دمار فلسطين وأهلها، مما جعل الحراك الداخلي في الجامعات بؤر لذلك الغضب الذي تتكبده الادارة الأميركية عبر سياساتها المتناقضة، ومصطلحاتها الغير متطابقة مع ما تدعوا إليه، من معاداة السامية والمسطرة الواحدة ومحاربة العنصرية وغيرها من العناوين التي كشفت الحرب الأخيرة معناها الحقيقي في القاموس الأمريكي المصطنع والمتبدل.
ليتكبد أكاديميي الجامعات تلك الاعتقالات الشرسة، والمضايقات العلنية للطلبة والقائمين المؤيدين للحق الفلسطيني، مما يولد تلك الدوامة الداخلية التي تجعل من القناع الأمريكي مكشوفاً لدى الجميع، وما تتخذه من سياسات تتبدل وفقاً لمعطيات مصالحها في المنطقة، وعلى اعتبار اسرائيل الابنة المدللة لها بالدعم المستمر من عتاد وأسلحة في قتل وتنكيل الشعب الفلسطيني الأعزل، والذي يتكبد القتل اليومي وبدمٍ بارد وفقاً لتلك المعطيات الغير حيادية من قبل أمريكا وكل من يدعمها في هذه القضية المستحقة.
لهذه الحرب عدة جوانب ايجابية، ومنها ذلك الانكشاف الواضح والجلي للمواقف الامريكية والمصاحبة لها، فعندما تدعي محاربتك للسامية والتفرقة بين الاديان وغيرها من الأمور، تأتي لتناقض ذلك مما يجعل المشهد أكثر وضوحاً للداخل الأمريكي الغير مستقر لعدم رضاه لما تسلكه الولايات المتحدة الأمريكية من سياسات تناقض نفسها بنفسها ولم تكترث لقراءة ذلك من قبل الداخل والخارج على وجه الخصوص.
فالحراك الأميركي الداخلي، هو رسائل مباشرة لمدى وعمق التناقض الذي تتبناه وتقدمه، فلم يسلم الدكتور والطالب من الاعتقال، ولا رئيس القسم في الجامعات الامريكية من كبح جماح التعبير ونصرة الحق، فقد لاقوا ذلك الاعتقال والمحاسبة في اختراق واضح وصريح لما تدعوا إليه الولايات المتحدة الاميركية في سياساتها ونهجها وسلوكها السياسي.
فعدد دول العالم المعترفة بفلسطين كدولة وكيان تعدى ال 142 دولة، وهي رسالة كافية ووافية لمعنى الحراك الذي تتخذه تلك القواعد الاكاديمية والتدريسية والمثقفة في نصرة المظلوم وتمكينه من حقوقه.
اللهم كن لأهل غزة ورفح وفلسطين ناصراً ونصيراً، وأحقن دمائهم وصن أعراضهم انك ولي ذلك والقادر عليه.