خيانة الأمانة….والوطن
طلال سعود المخيزيم
[email protected]
لم يكن وقع تسريب اختبار مادة التربية الإسلامية للصف الثاني عشر هيناً، فقد كانت تلك القصّة التي ألمت بالجميع، لما تمثله من خرق محوري لمبادئ العدالة والإنصاف، وتساوي المجد والغير مجد في مسطرة واحدة، وهذا ما يضع ضعاف النفوس في مرمى الهوان الذي لا يمكن صاحبه من الوصول الا من خلال الطرق الملتوية والخداع وممارسة تلك الممارسات التي تجعل من صاحبها في نجاح وهمي لا يعكس الا خذلانه وتراجعه.
الأمانة عظيمة، فعندما تضيع الأمانة فلينتظر المرء الساعة لعدم جدوى النفوس في احترام واستشعار تلك الكلمة العميقة، التي رفضت ان تتحملها السماوات والجبال فحملها ذلك الانسان الضعيف، المتقلب بين الشر والخير ومكائد الشيطان المظلل، والذي يستغل ضعف الوازع الديني وغياب الضمير في تطبيق تلك الخصال الغير شريفة، والتي تضع الانسان في أسفل السافلين لما يصل به من خلال تلك البوابة، وما تلك الا بسبب الماديات ونسيان الآخرة التي هي خيرٌ وأبقى.
ان تسريب اختبارات الثانوية العامة، جريمة في حق النظام التربوي، وسرطان يجب استئصاله من الجسد التعليمي، وتطهير القطاع التعليمي والتربوي من تلك النفوس المريضة التي تحرص على بث سمومها في أهم قطاع من المفترض ان يكون صمام الأمم والمجتمعات، في تنمية كوادرها وصناعة رجالها الأقوياء الأوفياء، والذي ما يأتي الا بنظام تعليمي وتربوي متكامل تسود فيه العدالة، ويحصل فيه المجد والمثابر على حصاده المعتبر، ولا يلقى فيها الفاشل الا ما جنته يداه ليعلم بأن الحياة عمل وجد وليست اتكالية وخداع ومكر.
الخطوات التي أتت بعد تسريبات اختباري الفيزياء والتربية الإسلامية، كانت في الصميم من خلال وزير التربية في قرارات حازمة بإنهاء تكليف أعضاء المطبعة السرية، واعفاء الكثير من القيادات والوكلاء ذات الصلة، بعد هذه الحادثة الغير مرضية من أصحاب المبادئ والقيم، والضمير الحي الذي يرى العدالة و تكافئ الفرص مبدأ ومنهج، ليأتي ذلك الطوفان بنتائجه في الاختبارات التالية وكان وقعه واضحاً لمدى بسالة الخطوات وجدية التطهير الذي أتخذه وزير التربية مشكوراً، في رسالة واضحة بأنه المخطئ سيحاسب والخائن سيُحال للنيابة ويتم اكتشافه من خلال القنوات الرسمية وأجهزة وزارة الداخلية.
فقد تم القبض على هؤلاء الخائنين وجاري التحقيق معاهم، للكشف عن المزيد من هذا الفريق المتعاون على الأثم والعدوان، في تدمير قيم ومبادئ العدالة والأمانة والتي هي من صميم شخصية التربوي، التي لا تمثل من هؤلاء الشرذمة أي خصال لما اتخذوه من نظرات مادية وشيطانية حالت بينهم وبين نفوسهم الغير تربوية، مما أصبح لزاماً محاسبتهم أشد الحساب، ومعاقبتهم وفق القانون لما سولت لهم أنفسهم المريضة في تدمير عزائم أبناءنا وبناتنا المجدين والمجدات، فكانت تحركات وزارة التربية مشكورةً في صميم المطلوب، فبعد تلك الحادثة عم الاستقرار والهدوء، ومازالت تلك الحسابات المأجورة تتوعد وتهدد، الا انها لا تملك الا السراب والهوان لما زرعته الوزارة من خطط دفاعية ألزمتهم بالاعتراف بالفشل والخسارة التي هي ديدن الشر وأهله على الدوام باذنه تعالى.
لا مكان في النظام التعليمي والتربوي لخائن، فتطهير هذا النظام من الغش والخداع والمكر، أول خطوات الإصلاح لهرم البناء والتنمية، فالدول تبنى بالتعليم وتُعمر بالتربية، فمع غياب تلك الأركان تصبح الدولة فوضى وهذا ما يجب وضعه في الحسبان على الدوام.