أخبار النوخذة
دليل الكويت أخبار السوق

أخبار النوخذة - مقالات - الهجرة النبوية…معاني وعبر

الهجرة النبوية…معاني وعبر

الهجرة النبوية…معاني وعبر

طلال سعود المخيزيم
[email protected]

مع دخولنا لعام هجري جديد، تتجدد ذكرى هجرة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، من مكة التي لبث فيها 13 عاماً إلى المدينة، والذي بذل كل ما بوسعه عليه أفضل الصلاة والسلام في تبليغ الرسالة وتأسيس دولة أولى للإسلام، الا ان مكة لم تسلم من تلك الطوائف المختلفة والجهل المتفشي الذي جعل منه غير مرغوب فيه، وقد تلقى تلك المضايقات والأذى والظلم الذي جاور ما يدعوا إليه من سماحة الإسلام وتعاليمه الحنيفة والدعوة لله وحده لا شريك له، الا ان قرار الهجرة أصبح لزاماً لتأسيس دولة الإسلام الأولى والتي تنطلق منها دعوات الإسلام ورسالاته الحميده التي هي منبع كافة الأديان والبشرية جمعاء، فأنطلق عليه الصلاة والسلام برفقة الصديق أبو بكر الصديق رضي الله عنه في رحلة سرية متخذين من غار حراء ملبثاً إلى حين استكمال هذه الرحلة العظيمة.

مع تآمر المشركين والكفار على الكيد برسولنا الكريم صل الله عليه وسلم، كان قرار الهجرة وقد أوعز لعلي بن ابي طالب كرم الله وجهه ولد عمه المكوث في فراشه في تلك الليلة، وهي من أصدق وأجمل التضحيات التي تبين معاني ومعادن آل البيت رضي الله عنهم، فما ان علموا كفار ومشركي مكة بعدم وجوده صلى الله عليه وسلم حتى لحقوا به فلم يتمكنوا منه حتى أكمل مسيره واستكمال رسالته والوصول للمدينة المنورة.

الهجرة النبوية هي صمام الثقة والثبات بنصرة الله وحفظه للانسان في كافة جوانب حياته، بالتوكل عليه والاستعانه الصادقة به بالسر والعلن، يتحقق المراد ويصل الانسان لهدفه المنشود، فما أحوج الانسان في هذه الأيام المليئة بالفتن وضعف النفس اللوامة بأن يكون عزوجل هو الرجاء الدائم لكافة أعماله وأقواله، لكي تصب في مرضاته واستحقاق أجوره العظيمة التي تمكن النفس من الظفر بالجنة والمنازل العليا في الآخرة.

الهجرة النبوية تذكير بالصحبة الصالحة، الناصحة المعينة على تحديات الحياة، فما أحوج المرء لتلك الصحبة التي تعينه على خيري الدنيا والآخرة، وتستكمل فيها النفس الثبات والعزوة بعد معية وتوفيق الله عزوجل، في تثبيت النفس والإعلاء من شأنها في كل ما يجوب هذه الحياة من تحديات، فالصحبة الصالحة هي صمام المرء في بناء واستكمال حياته، فما أحوجنا للصديق رضي الله عنه في علاقته العميقة والكبيرة مع رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، في تصديق رسالته ومصادقته ومعاشرته بكل تفاصيل حياته، فهذه هي الصحبة النادرة التي تبينها محبة الله ومجاورته والإيمان به.

الاصرار والعزيمة درس من دروس هذه الهجرة العظيمة، فلم يتوانى عليه الصلاة والسلام من استكمال رسالته والوصول للمدينة والاخاء بين المهاجرين الذين معه وأنصار المدينة، بأن يكون للمهاجرين مسكن واستقرار إلى ان تبنى البيوت والمساكن وتُستكمل الهجرة كافة معانيها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام الا ذلك البلسم الذي جعل من المهاجرين والانصار أخواناً متحابين تحت بيتٍ واحد، ليستكمل عليه الصلاة والسلام بناء مسجده الذي يمثل غرفة عمليات لاتحاد المسلمين واجتماعهم والمشورة في ما بينهم، وما ان تم ذلك حتى وضعت الدولة الإسلامية أولى خطواتها الواقعية في هذه الأرض، ليُكمل عليه الصلاة والسلام رسالته النبيلة وتعاليمه السمحة المستمدة من خاتم الأديان دين الله الكامل شريعتنا الاسلامية السمحاء.

لا يمكن للهجرة النبوية الشريفة ان تكون ذكرى بدون تدارس أحداثها ومعانيها، وتقوية النفس بما حصل فيها من محطات ودروس، فالمسلم يحتاج تلك المعاني والسير عليها وعلى نهج رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، لتقوى العزائم وتُعلى الهمم ويكون للدين الكلمة العليا، لتسود تعاليمه ومنهاجه وتكبر قواعده التي بفضل الله كبيرة وستزيد بمشيئته وقدرته تبارك وتعالى.

فما أحوج المسلم لهجرة كافة المعاصي والذنوب، وما يتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف ونهج رسولنا الكريم، واستحداث ذلك التغير في كافة جوانب الحياة والذي بدوره يجعل الانسان في الجادة السليمة وهذا بلا شك المعنى الأكبر والاشمل للهجرة كمعنى والهجرة النبوية كخصوصية وحدث مهم يجب تدارسه والتفكر فيه على الدوام وفي كل حال.

تعليقات
مشابهه لـ الهجرة النبوية…معاني وعبر