أخبار النوخذة
دليل الكويت أخبار السوق

أخبار النوخذة - مقالات - د. محمد العوضي: ما حاجة ابتهال الخطيب لاستدعاء قضية سامية شريفة كقضية غزة في سياق الدفاع عن التحول الجنسي والجندرية ؟!

د. محمد العوضي: ما حاجة ابتهال الخطيب لاستدعاء قضية سامية شريفة كقضية غزة في سياق الدفاع عن التحول الجنسي والجندرية ؟!

د. محمد العوضي: ما حاجة ابتهال الخطيب لاستدعاء قضية سامية شريفة كقضية غزة في سياق الدفاع عن التحول الجنسي والجندرية ؟!


في مقال بعنوان “يحيا الإرهاب” خرجت علينا الكاتبة، والأستاذة الجامعية، د. ابتهال الخطيب لتناقشنا عن واقعة الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، والجدال المُثار حول مستواها القوي الذي أجبر المتسابقات على الانسحاب أمامها، وما تبع ذلك الجدال من تشكيك بأنوثتها، والادعاء بكونها ذكرًا متحولًا… إلى آخر تلك السردية التي ربما سمع بعضنا بها.

ولأن الخطيب ناشطة في مجال الحقوق، ولها موقف مشرف من القضية الفلسطينية والعدوان الصهيوني على غزة، فقد تظن أنها خرجت لتدافع عن الملاكمة الجزائرية ضد الاتهامات المشككة في أنوثتها، لتثبت أن النساء قادرات على التفوق الرياضي الكاسح دون غش أو خداع، لكن دعني أخيّب ظنّك وأخبرك أنها استغلت هذا الحدث لتدافع عن الجندرية والتحول الجنسي بصورة تذكرنا ببرنامج “الرابط العجيب” الذي كنا نشاهده في طفولتنا.

فبالطريقة التي كان يربط بها البرنامج بين قميصك وكوكب المريخ، حاولت الخطيب الربط بين العنصرية تجاه الإناث وبين الحق في التحول الجنسي. لهذا دعونا ننتقل إلى عناصر هذا المقال وأفكاره الرئيسية لنحاول تفكيكها على هيئة أسئلة منطقية، محاولين الإجابة عنها بالمعلومة التخصصية وشيء من التفكير البدهي، ولنبدأ من السؤال الأول.

1- هل ثمة رابط بين العنصرية ضد الإناث وبين دفاع الخطيب عن الملاكمة؟

تقول الخطيب في مقالها: “بخلاف الدافع العنصري لما حدث مع اللاعبة إيمان خليف إبان هذه الدورة المشؤومة من الأولمبياد… إلا أن هناك زاوية أخرى غاية في الخطورة والحساسية تستحق النظر من منطلقها… ألا وهي زاوية الضبابية الجنسية والجندرية”.

فمما سبق، ومما صدّرت به الكاتبة مقالها، سيتطرق للذهن أنها بصدد الدفاع عن إيمان (الأنثى)، وعن النساء عمومًا، ضد ما تلاقينه من عنصرية وتمييز على أساس (أنوثتهن). إلا إنه عند التدقيق سنلاحظ أمرين في غاية الأهمية: أولهما أن الاتهامات الموجهة للملاكمة الجزائرية لا علاقة لها بالعنصرية ضد الأنثى حتى يبتزنا المقال بتلك المظلمة، وإنما هي اتهامات بالغش في جنس المُتسابِقة، وهنا نلتفت للأمر الثاني وهو استغلال “الخطيب” لهذه الواقعة -التي عرّفتها بواقعة عنصرية وتمييز ضد الإناث- للحديث عن مشروعية التحول الجنسي وضبابية الهوية الجنسية لا للدفاع عن المرأة ولا عن إيمان. إيمان التي وُلِدَت امرأة، وتعرّفت على نفسها -وعرّفت عنها- بأنها امرأة، وشهدت لها الوثائق الرسمية والاختبارات الطبية بأنها امرأة.

ولهذا دعونا نسأل الكاتبة والناشطة الحقوقية: هل استغلال واقعة إيمان خليف (الأنثى) للدفاع عن الضبابية الجنسية والتحول الجنسي، هو دفاع عن إيمان كما يدّعي المقال، أم إنّه -على الحقيقة- تأكيد للاتهامات التي تشكك في هويتها الجنسية؟

2- هل التمييز بين الذكور والإناث ضبابي حقًا؟

بعد التذرع بواقعة العنصرية المذكورة، تقول الكاتبة في دفاعها عن التحول الجنسي: “إن هذا الحوار الدائر، أو لنقل الجدل الدائر، حول جنس اللاعبات المشاركات في الأولمبياد إنما هو، في أحد جوانبه، تعبير عن مدى تعقيد موضوع التصنيف الجنسي والتوصيف الجندري اللذين في كليهما، البيولوجي منهما والأيديولوجي، ليسا بقطعيين أو قطبيي التقسيم بين الذكورة والأنوثة”.

وهنا نعود لنسأل: هل الأمر بهذا التعقيد؟ هل نحن عاجزون عن التفرقة بين الذكور والإناث، ببساطة كما اعتاد البشر أن يفعلوا طيلة التاريخ البشري، قبل أن تضربنا لوثة الجندرية؟ الإجابة المختصرة هي “لا”. “لا” واضحة، وصريحة، وبسيطة. أما الإجابة التفصيلية فنبدأها من سؤال عكسي يقول: هل هناك اختلاف علمي معتبر بين الأصل البيولوجي وبين الهوية الجنسية؟

هنا تجيبنا الدراسة التي نشرت نتائجها صحيفة الديلي ميل البريطانية[1]، لتخبرنا أنه بعد فحص 20 ألف جين بشري مشترك بين الإناث والذكور، وُجِدَ أن 6500 جين يعبرون عن أنفسهم بصورة مختلفة بين الجنسين، وأننا لو أضفنا ذلك للحقيقة الكروموسومية التي تقر بأن الذكور يمتلكون كروموسوم Y رفقة كروموسوم X، بينما تمتلك الإناث زوجًا من الكروموسوم X، سنجد أننا أمام فروقات بيولوجية واضحة لا تدعو للالتباس على الإطلاق، فماذا لو أضفنا لكل هذا الفروقات الهرمونية والفسيولوجية الواضحة بين الجنسين؟

لهذا خرجت دراسة[2] مجلة The New Atlantis العلمية لتفنّد -هي الأخرى- أي افتراض جندري يفصل الهوية الجنسية عن الجنس البيولوجي، مقرّة بأن هذا الفصل افتراء علمي لا أساس له.

الأمر الذي أكده د. جوردان بيترسون -أستاذ علم النفس بجامعة تورنتو الكندية- حين صرّح بأن الفصل بين الجنس البيولوجي والهوية الجندرية هو أمر في غاية السخافة[3]. معتبرًا أن ما يُسمى بالهوية الجندرية هو في الحقيقة “مزاج شخصي”[4].

بل إن الناظر في حجج الجندريين أنفسهم سيجد قول بيترسون متحققًا بوضوح تام؛ فعلى سبيل المثال تستنكر الناشطة الجندرية ديانا أدكنز أي تشخيص طبي للهوية الجنسية طبقًا للكروموسومات أو الهرمونات أو الأعضاء التناسلية والمظاهر الفسيولوجية، معتبرةً أن التشخيص الوحيد المعتبر في هذا الصدد هو “إحساس الشخص الداخلي وانتمائه إلى الجندر الذي يريده”[5].

وهي الحجج ذاتها التي واجهها الكاتب والإعلامي الأمريكي مات والش في فيلمه الوثائقي “ما هي المرأة؟”[6] حيث عرض العديد من اللقاءات بينه وبين أكاديميين وباحثين يفترض أنهم يمتلكون إجابات محددة حول الهوية الجنسية، ليُفاجئ بأن إجاباتهم كانت ضبابيةً أكثر من الضبابية الجنسية التي تتحدث عنها الخطيب في مقالها، وأن الإجابة المباشرة الوحيدة التي تحصل عليها كانت من سكان في قبيلة بدائية بكينيا تحتفظ بالفطرة البشرية بلا ملوثات جندرية.

ولعل أكثر الإثباتات التي تؤكّد (هوائية) النزعة الجندرية والميول الجنسية هي الدراسات والإحصاءات الجنسانية التي تضمنها كتاب “جيناتي جعلتني أفعلها” للباحثين نيل وبريار وايتهيد، إذ وُجِدَ أن الميول الجنسية الشاذة عادةً ما تختفي مع التقدم في العمر، وأن الميول الطبيعية أكثر استقرارًا منها بـ17 ضعفًا في الرجال، و30 ضعفًا في الإناث.

الأمر الذي أكدته دراستان[7] لجامعة فاندربيلت الأمريكية ومستشفى بورتمان البريطانية[] حيث رصدتا أنه من 70٪ إلى 80٪ من الأطفال الذين عانوا من اضطراب للهوية الجنسية قد تخلوا عن هذا الشعور بمرور الزمن، وتصالحوا مع أصلهم البيولوجي.

لأجل هذا كله يخبرنا أستاذ علم النفس بول ماكهيو[8] أن تشجيع الناس على إجراء عمليات التحول الجنسي -باعتبارها قضية حقوقية- هو في الحقيقة تشجيع على الاضطراب الذهني. لأننا لو شجعنا على تغيير الجنس وفق الحالة المزاجية للشخص، فإننا سنفتح الباب أمام المتحيونيين -أي من يرون أنفسهم حيوانات- ليدافعوا عن حقهم في العيش كحيوانات لأنهم يعتبرون أنفسهم هكذا، وكذلك نفتح الباب أمام المثليين والشواذ ليتذرعوا بأن هويتهم الجنسية تدفعهم لميول شاذة لا تتوافق مع الميول الطبيعية التي يحددها جنسهم البيولوجي.

3- هل يحكم الاستثناء على القاعدة؟

نعود مرة أخرى للمقال، لنجد النص التالي: “يولد البشر المحظوظون واضحي الهوية الجنسية…. ويولد البشر غير المحظوظين… بأجساد أكثر تنوعًا وديناميكية… فعلى سبيل المثال، يولد بعض البشر بأكثر من عضو بشري خاص… ويولد البعض الآخر باختلالات هرمونية تتضاد مع نوع الجسد الذي يحتويها”.

وهنا نعود لنسأل الكاتبة المرموقة: هل يمكن لكاتبة متخصصة في الأدب الإنجليزي أن تقطع بحتمية التحول الجنسي كعلاج طبي ناجع لكل هذه الحالات؟ ألم تسمع الدكتورة عن العلاجات الهرمونية لضبط الاختلالات الهرمونية المذكورة؟ ألم تسمع بعمليات (تأكيد) الجنس -وليس تحويله- عند أولئك المولودين بتشوهات تناسلية؟ ألا تعرف أن تلك الجراحات تتم بعد فحص طبي يحدد أي الجنسين أقرب إلى الشخص من الناحية البيولوجية، وليس المزاجية؟

والأدهى من ذلك أن الكاتبة تكمل قائلةً: “وهكذا يستمر تنوع التشكيلات الفسيولوجية حد القول، في بعض الأبحاث الفكرية الأيديولوجية، إن كل إنسان يمكن أن يكون تصنيفًا جنسيًا منفردًا متميزًا لا يتكرر، ليكون في ذلك تشكيل جسده تمامًا مثل بصمة الإصبع”.

وهنا تتجلى الطامة الكبرى في طرح الكاتبة؛ إذ تجعل الشاذ أصلًا والاستثناء قاعدةً! بينما نسبة هؤلاء المضطربين (بيولوجيًا وليس جندريًا) لا يمكن أن تتعدى -في كل الأحوال- نسبةً ضئيلةً مقارنةً بمجموع البشر الذين لا يعانون هذه الاضطرابات. بل إن هذه النسبة لا تكاد تُذكَر وفقًا للدكتور بيترسون، الذي يؤكد أن 99.7٪ من الذكور والإناث بيولوجيًا يعرّفون أنفسهم كذكور وإناث بطريقة تلقائية وطبيعية[9].

لهذا، فإن فتح القوس على مصراعيه وتحويل كافة البشر لمضطربين محتملين سيجعلنا أمام سيولة مفاهيمية وفوضى جنسية لا حد لها، بل إن أول المتضررين من ذلك هم المتحولون الذين تزعم الخطيب الدفاع عنهم؛ ففي دراسة سويدية طويلة المدى[10]، وُجِدَ أنه بعد مرور 10 سنوات على عملية التحول الجنسي بدأ المتحولون في الشعور باضطرابات ذهنية جمّة، حتى بلغت نسبة الانتحار بينهم 19 ضعفًا مقارنةً بنسب الانتحار الطبيعية.

وفي شهادات المتحولين -والتي يمكن الاستزادة منها من خلال وثائقي ما هي المرأة- نجد العديد من المخاطر الصحية والاختلالات النفسية الناتجة عن ندم المتحول ورغبته العميقة في استرداد طبيعته البيولوجية من جديد، الأمر الذي يثبت أن فتح الباب على مصراعيه أمام الجميع، حتى تضحى الهوية الجنسية متمايزة كبصمات الأصابع، هو كارثة لا تغتفر بحق الإنسانية جمعاء.

4- هل يمكننا ابتزاز العقل بالعاطفة؟

ختامًا، ترمي الكاتبة ورقتها الأخيرة في المقال، قائلةً: “المثير للعجب هو ذلك التأييد العربي لإيمان، ترى متى بدأ «التسامح» العربي مع التنوع الجندري ومتى انتهى البغض والرفض بل والتكفير؟”

ونحن لا ندري هل غفلت الكاتبة -أم تتغافل- أن هذا التأييد -إن افترضنا جوازه من الناحية الشرعية- هو تأييد لامرأة مكافحة من خارج محيط الغرب العنصري، والذي كان يقيم الدنيا ويقعدها كلما هربت ميدالية من أبنائه إلى المنبوذين من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وليس تأييدًا لشخصية متحولة أو رجل يعرّف نفسه جندريًا بأنه امرأة، فما الحاجة هنا للسخرية من التسامح العربي مع الجندرية؟! وأين معيار القياس يا أيتها الأستاذة الجامعية الموقرة؟

ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل استمرت الكاتبة في استدعاءات لا ارتباط بينها، فقالت: “أخيراً: حين تفجر إسرائيل الصهيونية مدرسة تؤوي آلاف النازحين، ليستشهد في حدث الإبادة المتجدد هذا أكثر من مئة شخص معظمهم من النساء والأطفال وتُطحن عظامهم مختلطة بأشلائهم وتُجمع في أكياس بلاستيكية، فيما يُسمح لهذا الكيان المجرم «برياضييه» القتلة أن يشارك في الأولمبياد، في حين تُمنع روسيا من ذلك، فإذا كان هذا بالنسبة للحكومات الغربية هو الموقف الأخلاقي، لا بد أن نعلنها إذن؛ أن تسقط الأخلاق ويحيا «الإرهاب».”.

ونحن لا ندري ما الحاجة لهذا الابتزاز العاطفي! وما الحاجة لاستدعاء قضية سامية شريفة كقضية غزة في سياق الدفاع عن التحول الجنسي؟ وهل يحتاج الغرب -أصلًا- دفاعًا عن التحول الجنسي وهو الذي افتتح الأوليمبياد بحفلة جندرية مثلية من الدرجة الأولى؟ ثم ما العلاقة -مرة أخرى- بين العنصرية ضد المتحولات -إن وُجِدت العنصرية أو وُجِدَت المتحولات- وبين الإجرام العنصري بحق نساء غزة الطاهرات؟! وأي أخلاق تلك التي تنافح عنها المناضلة الحقوقية في السيولة الجندرية التي تدعو إليها؟ وما علاقة روسيا والكيان الصهيوني بكل هذا من الأصل؟ هل هي مزحة تحاول أن تختتم بها الكاتبة مقالها؟ أم إنها محاولة بائسة لاستدرار تعاطف القارئ العربي مع أفكارها بإقحام أهم قضاياه وأشرفها؟

تعليقات
مشابهه لـ د. محمد العوضي: ما حاجة ابتهال الخطيب لاستدعاء قضية سامية شريفة كقضية غزة في سياق الدفاع عن التحول الجنسي والجندرية ؟!