الاسراء والمعراج…رحلة القوة والثبات

طلال سعود المخيزيم
‏ [email protected]

تتجلى مناسبة الاسراء والمعراج في كل سنة، بتذكير المسلمين والناس بتلك الرحلة النبوية العظيمة التي أسرى بها ربُنا جل في عُلاه بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في ليلة شهد فيها النبي الأكرم شواهد عظيمة ومكامن سامية وهبها الله له وأختصه بها لبثت فؤاده ويشد من أزره عليه الصلاة والسلام.

هذه المناسبة العظيمة هي درس من دروس الإيمان العديدة، التي يتخذها المسلم نبراساً له في تقوية ايمانه وعلاقته مع الله عزوجل، من خلال التوكل عليه وبذل الأسباب والاجتهاد في كل ما يرضيه، وانتظار النتائج كما قدرها وأرادها لعباده، الذين يتطلعون لما هو أبعد من دنيا زائلة ومتاع من الدنيا قليل، والتفكير للأهم والأشمل بجنات تجري من تحتها الأنهار يخلدون فيها من نعيم مقيم.

فكما ثبت الله فؤاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كذلك المسلم التقي الصالح الذي يرى بخير المرسلين قدوة أولى وأخيره في أفعاله وأقواله وسيرته، ليكون في منزلة عالية وسامية تنعكس على حياته وآخرته في الثبات والتمسك بأركان الايمان والاسلام التي تعطي الانسان ذلك الصك المتين في قبول الله له ومحبته ومرضاته، تلك الغاية التي ينتظرها كل العباد وهي تأتي من الأخذ بالعبر والقصص والفوائد التي تعكس ذلك البناء القويم، الذي يرمم به المسلم بناءه وأخلاقه وصبره للوصول للأهداف ولا سيما الهدف الأسمى الا وهو الجنة.

فما هي تلك الرحلة الا رسالة، تذكير واختصاص بعظم ومكانة خاتم الأنبياء والمرسلين، وعظم رسالته ودينه دين العالمين أجمع، فما يخصه الله عزوجل الا لعلو شأنه ومكانته، التي بلا شك تزيد أتباعه والمسلمين التمسك والطمأنينة بهذا الدين العظيم والرسالة المحمدية، التي هي الرسالة المخلدة والشاملة والمتكاملة لحياة ميسرة سعيدة في الدارين أجمع، لتتحقق تلك السعادة والوجوه المستبشرة الضاحكة، وحصاد ماهو مطلوب ليوم الميعاد ويوم الدين والفوز بجنات النعيم باذن الله تعالى.

فكما هي تتجدد من ذكرى هذه الرحلة ذي المنزلة العظيمة، هي تجديد تمسك وثبات الفؤاد للبارئ عزوجل في عدم فقدان الامل، والمصادقة على وجوده ودعمه المستمر لعباده الصالحين، وتقوية القلوب على الثبات والنظرات المستمدة من التمسك بالدين وبأن كل ما يقضيه خيراً في جميع الأحوال، خيراً خفياً سيظهر بعد حين أن لم يكن قريب، فما أجمل التمسك بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وحياته ورحلاته في مختلف مسمياتها وصورها.