اللجنة الأولمبية الدولية…ومعطيات العدالة
طلال سعود المخيزيم
[email protected]
منذ كأس العالم 2018 لكرة القدم المقام في روسيا، كانت آخر مشاركة على الصعيد الدولي للدب الروسي قبل حربه على اوكرانيا، فغاب عن كأس العالم قطر وكذلك اولمبياد طوكيو 2020 والأولمبياد الحالية باريس 2024 وما تخلل تلك المناسبات من بطولات اوروبية وقارية، في قرار المنظمين لما ارتكبته روسيا من حرب جائرة على اوكرانيا، وحرمانها لما اتخذته من تصعيد سياسي وعسكري، فتم ادخال السياسة بالرياضة وهذا ما تمتنع عنه دائماً المؤسسات والمنظمات الرياضية سواء الاولمبية وغيرها، مما يشكل تناغضاً في كيفية التعاطي مع الرياضة وحق الجميع في المشاركة.
غابت روسيا عن طوكيو 2020 وتغيب عن باريس 2024، وهي من الدول المتمرسة في كافة الرياضات وعلى جميع المستويات، غيابها ساهم في اعادة جدولة جداول الميداليات لما تحمله من ثقل، وحرمان الرياضيين والرياضيات الروس يعد ظلماً اذا ما قارناه مع حرب الكيان الصهيوني منذ 60 عاماً على فلسطين الأبية، وهذا الكيان ما زال يشارك ولم يتم اخذه في حربه وسلبه لحقوق شعب من أرضه وأساسه، في ازدواج معايير يضع اللجان والقائمين على الأوساط الرياضية في مرمى النفاق الذي ليس غريباً على من يكيل بمكيالين ويتخذ من مصالحه سبيلاً.
الكيان الصهيوني يشارك وكأنه لم يرتكب جرائم حرب يومية، من تنكيل وقتل وقصف الشعب الفلسطيني الأبي، منذ 60 عاماً وليس 5 سنوات في حرب روسيا على اوكرانيا، في ازدواجية في التعامل مع معطيات العدالة والأنصاف، الغائب عن القائمين والمعنيين مع استمرار تلك الحرب على مدار أكثر من ست عقود مضت، في صمت رهيب لكل متخاذل لا يعطي للرياضة انصافاً ولا للعدالة مبدأً يحاكي كل أبجديات حرية الرياضة ومشاركة الجميع، أو حرمان كل من سلك ذلك الطريق الدموي والحربي وطمس هوية الآخر والاعتداء عليه.
اتخاذ تلك المنعطفات، يُأكد مدى انحياز القائمين للكيان الصهيوني رغم كشف اوراقه وممارسته بالعلن، خصوصا بعد حرب 7 أكتوبر الأخيرة، فعمت تلك الصور أرجاء العالم، وعاش مآسي الشعب الفلسطيني المضطهد والمحتل من هذا الكيان الغاصب، لفترات طويلة بتكالب الدول وفرض مصالحها، وعدم اعتبار ذلك حرباً والحاقه بالكيان ومنعه من المشاركة بعد تلطخ اياديه بالدماء واستمرار بطشه وقتله لأخواننا في فلسطين الأبية.
أبسط ما يمكن فعله هو حرمان هذا الكيان من المشاركة، أسوه بروسيا التي بغيابها غابت عن الألعاب قاطبة الكثير من المنافسة، ولكن بما ان الحرمان هو قرار يجب ان يشمل كل من اتخذ حرباً وظلم طرفاً واعتدى عليه، فيجب مراجعة تلك القرارات والأنظمة ورؤية الأمور وفق منظور واحد، وهو ان المحتل لا يتغير وفق عرق ودين ومصلحة، بل هو واحد في تعريف المحتل والمعتدي، ليكون في صف الايقاف والحرمان، وعدم المشاركة وفقاً للنظرة التي أُتخذت على روسيا في كافة البطولات الرياضية والمشاركات الأولمبية، والتي تضع الموازين وفق نصابها، والعدالة شعارها والتي يبدوا جلياً بأنها غائبة وفي سبات عميق لدى القائمين والعاملين في اللجان الرياضية والاولمبية الدولية والقارية على حدٍ سواء.